المرأة

لبنان: أزمة معيشية خانقة... وسط معاناة النساء!

لبنان: أزمة معيشية خانقة... وسط معاناة النساء!

يشهد المجتمع اللبناني أزمة معيشية غير مسبوقة نتيجة الارتفاع المستمر في الأسعار وتدنّي قيمة الرواتب، ما أدّى إلى تراجع القدرة الشرائية وازدياد الضغوط الاقتصادية على الأسر. لم يعد الدخل الشهري قادرًا على تغطية الحاجات الأساسية من غذاء، وصحّة، وتعليم، ونقل، الأمر الذي انعكس قلقًا دائمًا وعدم استقرار نفسي واجتماعي.


في قلب هذا الواقع الصعب، تلعب المرأة دورًا محوريًا في مواجهة تداعيات الأزمة. فالمرأة، سواء كانت عاملة أو ربّة منزل، أصبحت المسؤولة الأولى عن إدارة الموارد المحدودة، وتنظيم الإنفاق، واتخاذ قرارات يومية دقيقة للحفاظ على توازن الأسرة. ومع تقلّص الدخل وارتفاع كلفة المعيشة، تضاعفت مسؤولياتها، وازداد الضغط الواقع عليها نفسيًا واجتماعيًا.


لم يقتصر دور النساء على الصمود فقط، بل امتدّ إلى المبادرة والابتكار. فقد اتجهت كثيرات إلى العمل الحر، والمشاريع الصغيرة من المنزل، والحِرف، والتعليم عن بُعد، والمساهمة في الاقتصاد المحلي بوسائل بديلة. هذا التحوّل لم يكن خيارًا سهلاً، بل استجابة ضرورية فرضتها الظروف، وأثبتت من خلالها المرأة قدرتها على التكيّف وتحويل التحدّي إلى فرصة.


ومع ذلك، فإن هذا الجهد الفردي لا يعفي الجهات المعنية من مسؤولياتها. فالنساء يتأثّرن بشكل مباشر بتدنّي الرواتب، خصوصًا في القطاعات ذات الأجور المنخفضة، حيث يواجهن فجوة في الدخل، وغياب الحماية الاجتماعية، وعدم الاستقرار الوظيفي. من هنا، تبرز الحاجة إلى سياسات اقتصادية عادلة تضمن حماية الأجور، وتأمين فرص عمل لائقة، ودعم النساء العاملات وربّات الأسر، خصوصًا المعيلات منهن.


إن إشراك المرأة في وضع الحلول الاقتصادية والاجتماعية ليس أمرًا ثانويًا، بل ضرورة أساسية. فخبرتها في إدارة الأزمات اليومية داخل الأسرة، وقدرتها على التخطيط والتكيّف، تشكّل ركيزة لأي عملية نهوض اقتصادي أو اجتماعي. كما أن تعزيز التضامن المجتمعي، ودعم المبادرات النسائية، يساهم في تخفيف حدّة الأزمة وبناء شبكة أمان اجتماعي أكثر تماسكًا.


رغم الغلاء وتدنّي الرواتب، تبقى المرأة عنصرًا فاعلًا في الحفاظ على الاستقرار الأسري والاجتماعي. وبإرادتها، ووعيها، ومشاركتها الفاعلة، يمكن تحويل المعاناة إلى قوة دافعة نحو التغيير، وبناء مستقبل أكثر عدلًا وكرامة للجميع.


غير أنّ هذا الجهد الفردي، على أهميته، لا يمكن أن يكون بديلًا عن دور الدولة والسياسات العامةـ فالنساء بحاجة إلى سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة تضمن حماية الأجور، وتوفّر فرص عمل لائقة، وتعزّز شبكات الأمان الاجتماعي، وتدعم النساء العاملات وربّات الأسر، ولا سيّما المعيلات منهن.


وفي هذا المجال، فالوضع الاقتصادي اصبح وجعا يوميا، مع ارتفاع الأسعار يوميا ومع بقاء العملة منهارة، وهي هموم تهيمن على كل بيت، مع خوف على الغد.

هدى جابر

هدى جابر

ناشطة اجتماعية ومدونة